لمحة عن قصة ابن الفقير لمولود فرعون
منراد معلم في
قرية بمنطقة القبائل في الجزائر بدأ العمل عام 1939 و كتب سيرته الذاتية. يسرد
الراوي ذكريات الطفولة فيحدثنا عن عائلته و قريته و نمط العيش فيها. ابن الفقير
هو فورولو منراد ابن رمضان الفلاح الفقير. وُلد سنة 1912 و أعطته جدته اسم فورولو و
هو مشتق من فعل أفير و يعني إخفاء "مما يعني أن أحدا لن يراه سواء بعين مرضية
أو رضية" . عاش طفولته في الريف في كنف والديه، أخواته، عمه لونيس، و كان يأنس
لصحبة خالاته صانعات الفخار. الحياة في القرية بسيطة، السكان متحدون و يتساعدون، و
لكن يمكن أن تتعادى العائلات للدفاع عن الأصل، أو من باب الغيرة. كان الأخوان
رمضان و لونيس يعيشان في بيت واحد مع عائلاتهما حتى توفيت الجدة تساديت فتقاسما
الإرث.
و يصف لنا الراوي بساطة البيوت، أعمال الفلاحة
في حقول التين و الزيتون، صنع الفخار، طبخ الكسكسي...وكان هو الولد الوحيد فكان
محبوبا مفضلا عند عمه الذي حرص على تنشئته نشأة ذكورية، وأحبته خالاته. أحاطوه و
غمروه عطاء و عناية. عمل والده في الحقول مع تربية المواشي، و أحيانا في البناء، و كان يمكن أن يضطر للتداين أو البيع لكسب القوت و لدراسة الابن المحبوب أو للتداوي.
اضطر رمضان الذي
حاصره الفقر إلى الهجرة إلى فرنسا، و عاد بعد سنة و نصف في أيسر حال. ثم تمكن
فورولو، ابن الفقير، بعد نجاحه في
المدرسة أن يتحصل على منحة للإلتحاق بالمدرسة الإعدادية و كان حلمه دخول مدرسة
المعلمين.
كان كل أمل الأب
أن يتوصل ابنه لمساعدته على تحمل أعباء العائلة.
دخل المدرسة و أقام رفقة زميله أزير عند مبشر بروتستانتي يأوي التلاميذ
القادمين من الجبال. أمضيا أربعة سنوات، من سن الخامسة عشرة إلى سن التاسعة عشرة،
في التركيز على الدراسة وعُرفا بحسن السيرة و الخلق.
غمرت السعادة منراد لنجاح ابنه و لكنه اضطر
للتداين و النضال حتى يتمكن من دفع مصاريف إقامته بالجزائر العاصمة حين تقدم لإتمام الشهادة. حصل فورولو على
شهادة التعليم الأساسي فصار الأقارب يدعونه للاجتماعات و يطلبون نصحه و كان ذلك
سندا و تشجيعا له. و رغم صعوبة الظروف المادية، واصل ابن الفقير تأمل حلمه بأن يصير معلما.
نمط العيش في منطقة القبائل في قصة ابن الفقير لمولود فرعون
منزل العائلة
يحتوي المسكن على
حجرتين متقابلتين و حجرة أو اثنين للإبن
البكر أو لعابري السبيل. تُبنى المساكن من ألواح من الصخر الزيتي مع الرمال و
الطين، و يتكون السقف من قرميد أجوف يستقر على البوص، تغطيها طبقة من الجير. و
تتولى ربات البيوت الترتيب الداخلي و في ذلك تعبهن و فخرهن.
السندرة تحوي
أواني المؤن و أواني الزيت، يتأرجح الفراش المثبت بحوامل السقف، و يوجد الموقد في
حائط مواجه للإسطبل. في الأعلى، تحمل الدعامتان المتوازيتان سلالا لثمر البلوط و
الخشب الأخضر و لحم الخروف. الحجرات الصغيرة مستطيلة بسيطة دُهنت بالجير، و الباحة
ضيقة...
في عائلة ابن
الفقير، و في كل عائلة في القرية، مسؤول من المؤن: كانت الجدة في عائلة منراد
الوحيدة التي بإمكانها التصرف في أواني التخزين. هي الوحيدة التي بإمكانها دخول
السندرة لأخذ التين أو السمن أو الزيت.
صنع الفخار
كانت الخالات تصنع
الفخار و كان الولد المحبوب يأنس لمرافقتهما. تشتريان الصلصال و تجعلنه يجف في
الباحة ثم تحولنه إلى غبار. يُخلط الغبار بالماء و يُصنع عجين يتماسك في يومين ثم
يُخلط ببقايا إناء مطحون. ثم تقبل الخالة على تشكيل الأواني و الأصحان على لوح...كان
لكل إناء طابعه الخاص، و يمكن التعرف على صانعة الإناء عندما تراه.
الأكل
كان الكسكسي هو الطعام الرئيسي. يُوضع في
القدر لإعداد المرق ثلاث لترات من المياه مع الفول و الحمص و الزيت و الدهن. اللحم
كان نادرا. كما يأكلون من خضرا وات الحقول و يشربون من مياه الترع، وفي المواسم يقضمون
الخوخ و التفاح و الكمثرى الخضراء.
كسب القوت
كان رمضان فلاحا
صلبا، و كان يربي زوجا من الثيران، حمارا، معزة و خروفين. كانت الثيران ملكا لأحد
الأغنياء، يربيهما رمضان و عند البيع يستفيد بثلث الثمن. تأتي المعزة باللبن و بصغار
تُأكل أو تُباع عند الضرورة. كما عمل رمضان أحيانا أجيرا للبناء للأغنياء مثل بناء
أول معصرة تعمل بمكبس هيدروليكي. ثم هاجر إلى فرنسا و عمل عاملا في مصنع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق