دار الباشا هي رواية للكاتب التونسي حسن نصر. تضم الرواية 153 صفحة. هي قصة طفل، مرتضى، أخذه أبوه من أمه المطلقة ليعيش معه في بيت جدته في دار الباشا في نهج الباشا في مدينة تونس العتيقة. كان على الطفل أن يعيش مع قسوة أبيه، بعيدا عن أمه، و مع بقية أهل الدار في أجواء من التوتر و الجهل. كان أيضا يتردد على الكتّاب و جامع الزيتونة إلى جانب عمله في سوق الشواشين ثم في إحدى محلات الخياطة. يتخلل النص مشاهد وصفية للمدينة العتيقة بتونس.
حقق مرتضى أمنيته بأن يبتعد عن الدار و عاد إليها بعد أكثر من أربعين سنة. تجول فيها و انبثقت الذكريات. كان يرى أن الدار أثر مهم وجب ترميمه و حمايته من السقوط و لكن ابن عمه رفض ذلك و فضّل إهمال الماضي. فكان أن وجد مرتضى نفسه تحت أنقاض البيت المهدم. في النهاية استيقظ من نومه. هل كان حلما؟
نهج الباشا
تبدأ الرواية بوصف
موقع نهج الباشا بالمدينة العتيقة بتونس العاصمة.
"يتسلل شارع الباشا عبر متاهات مدينة تونس العتيقة، يتوغل في أعماقها، يبسط ذراعه الطويلة، يصل بها باب البنات غربا إلى بطحاء رمضان باي شرقا، و منها إلى قصر القصبة، فجامع الزيتونة، يختصر المسافة الفاصلة بين "الربط" و قلب المدينة النابض بالأسواق و الحركة"
عودة مرتضى إلى دار الباشا
يعود مرتضى الشامخ
إلى دار الباشا بعد غياب أربعين سنة أو أكثر. كان يبحث عن خطأ ما حصل في
الماضي و شكل حياته بعد ذلك. لقد غاب عنها و عاش سنوات من الحيرة
إذ لم يكن قادرا على الرجوع إليها بقلب خالص و لا أن يرتاح من التفكير فيها و في
الماضي الملعون. كان طفلا صغيرا عليه أن يصبر على فراق أمه التي انقطعت أخبارها. طفق
يتجول في دار الباشا فيسترجع
ذكريات الطفولة
ذكريات الطفولة
اصطحبت الخالة منجية الطفل، بعد أخذه من أمه، إلى مقام الولي الصالح سيدي محرز. و في وصف المقام يقول:
"قاعة كبيرة جدرانها مكسوة حتى السقف عليها أقمار خضراء في مربعات برتقالية اللون باهية تحت أرضية فاتحة تعلوها قبة بيضاوية الشكل قائمة على أقواس بلورية متناظرة، ينضح منها الضوء و ينتشر في فضاء القاعة"
ثم واصلا الطريق إلى السوق ثم إلى حي دار الباشا و في وصف السوق قال :
"الباعة ينادون على بضاعتهم، بائع المظلات، بائع المراوح، بائع العطور: ماء الزهر، و ماء الورد، و العطرشية، دلال و سقاء...فرقة نحاسية تتقدم باتجاه سيدي محرز من ورائها "المطهر" في ثيابه الزاهية يحف به جمع من الأطفال و هم ينشدون وراء الفرقة"
عاد إلى الماضي، تذكر يوم أتت جدته ثم أبوه، ليأخذه من أمه المطلقة بالقوة. انهال عليه أبوه
بالضرب عقابا له على رفضه و كانت تلك تجربة قاسية علقت بذهنه. أعادوه لأمه و بقي
معها طوال الحرب العالمية الثانية. ثم كان أن أتت الخالة منجية لأخذه، وصلت به إلى الدار و استقبلته
الجدة هذه المرة برفق و احتضنته.
و في وصف دار الباشا قال:
"تطل عليه في كل خطوة يخطوها الجدران المكسوة، ذات التلوينات و الزخارف، و الطلاءات الجدارية. بعضها تساقط، بعضها بقي متماسكا، فيستمتع بجمالها القديم و جلالها الغابر"
كان نهج الباشا مليئا
بكتاتيب تحفيظ القرآن. تذكر مرتضى تردده على الكتّاب، تذكر المؤدب و الإملاء و
حلقات الأحزاب في جامع الزيتونة (حلقات الذكر). كان أيضا يتردد على دار عم العربي
السعيد البهيج على عكس دارهم التي كانت تسودها أجواء من التوتر.
تذكر العم منصورالذي كان مختلفا عن أهل تلك الدار. كان يأخذه في ليالي رمضان الملونة إلى بطحاء الحلفاوين
ليدخل مدينة الألعاب. كان العم منصور لا يختلط بأهل الدار إلا في الأعياد و على
مائدة الإفطار في رمضان. كانوا يعاملونه بلامبالاة قاسية، كان يتألم لذلك. ابنته
الوحيدة زهرة فاتها ركب الزواج. تذكر مرتضى يوم وقفت تدافع عنه عندما عاقبه أبوه لأمر تافه. أخذتها حالة
صرع فواظب مرتضى على مرافقتها إلى زاوية سيدي بن عيسى حيث تُقرأ الأحزاب و الأوراد.
كان مرتضى يتوق للخلاص من هذه الترهات.
أصبحت إحدى
أمنياته أن يهرب بعيدا يرعى غنما أو يتسلق الجبال، المهم أن يبتعد عن دار الباشا
حيث الناس المنغمسون في شؤونهم و لا يعيرونه اهتماما.
كان يمضي وقته بين
الكتّاب و حلقات الذكر و العمل.عمل أولا في سوق الشواشين، ثم عمل في إحدى محلات
الخياطة في نهج سيدي بن عروس. سي الطيّب صاحب المحل كان متعدد المواهب، له نشاطات اجتماعية
و اقتصادية. ففي دكانه كانت شخصيات مختلفة و مرموقة كالشعراء و السياسيين تتردد على الدكان.
كان مرتضى يطرد الذباب عن الناصر و يصطحب فريد لقضاء بعض شؤون الدكان أو للذهاب إلى "حديقة البلفيدير" أو إلى السينما.
مرتضى يسعى لحماية دار الباشا
بعد أكثر من أربعين سنة من الغياب تخطى مرتضى داخل دار الباشا فوجد أباه ومعه زوجته الجديدة . تحادث الرجلان دون ذكر الماضي، و كأن شيئا لم يكن. وجد البيت متآكلا متداعيا للسقوط، في نفس الوقت كانت العمارات تتكاثر في الأراضي المحيطة بالمدينة. و في المدينة تباعد الناس و فترت العلاقات. التمس مرتضى من الورثة المساهمة في ترميم الدار فسخروا من اهتمامه بالدار المهملة. قال ابن عمه أنه لا فائدة من ذلك فالمنزل لا يتلاءم مع مقتضيات الحياة الجديدة. بينما كان مرتضى يرى أنه بناء أثري عتيق وجبت صيانته.
يقظة أم منام
انهارت دار الباشا و لبث مرتضى تحت الأنقاض يفكر في النجاة و ويتأمل معنى الزمن و قيمة الماضي و المستقبل. استفاق مرتضى من نومه. خرج و رأى العائلة مجتمعة حول الجد في جو مرح. قال: "هل أنا في يقظة أم منام؟"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق