اللص و الكلاب لنجيب محفوظ قصة انتقام من جريمة خيانة. كان سعيد مهران مخدوعا. خانته زوجته نبوية مع أحد أتباعه، عليش سدرة، و طلبت الطلاق أثناء سجنه. سُجن لأنه كان يسرق قصور الأغنياء بإيعاز من رؤوف علوان الذي كان يظهر له الود والرأفة فخانه. إثر خروجه من السجن بعد أربع سنوات، كان هدفه الانتقام و "تربية" الخونة، الذي كان يسميهم بالكلاب، و استرجاع ابنته المحبوبة سناء. دفعه الغرور و التهور إلى محاولات قتل باءت بالفشل. كتبت العديد من الصحف عن أخبار جرائمه وكان مطاردا. آلمته الوحدة و صار يستحضر الماضي في الوقت الذي كان لاجئا في مسكن صديقته نور أو عند الشيخ الجنيدي. لم يحقق هدفه. و كانت نهاية اللص و الكلاب لنجيب محفوظ بالفشل و الإستسلام النهائي.
اللص و الكلاب و رغبة الانتقام
خرج سعيد مهران من السجن بعد أربع سنوات و كانت تدور في رأسه أفكار الخيانة التي كان ضحيتها. توجه إلى غريمه عليش ليقابله و يسوي وضعية ابنته سناء. كانت قد بلغت من العمر ستة سنوات و كانت تحظى بالرعاية مع أمها فأنكرته حين رأته في بيت عليش. قرر مهران أن يبحث عن عمل و أن يلتجئ إلى المحكمة ليتمكن من أخذ ابنته معه. ثم قصد بيت الشيخ علي الجنيدي إذ كان ملجأه الوحيد. طفق الشيخ يتمتم بحكم و آيات قرآنية و قص عليه مهران قصته: خرجت اليوم من السجن، خانتني زوجتي مع رجل من أتباعي، طلبت الطلاق بعد سجنه فتزوجت به، استولى على أموالي، أنكرتني ابنتي.
و فكر سعيد أنه لا يمكن أن يعيش حياته دون أن ينسى الأعداء. لن يهدأ له بال حتى يصفي حسابه معهم.
استحضار الماضي
كان وحيدا ففكر و تذكر الحلقة الأولى، لما رأى نبوية و هي تخرج من بيت سيدتها إلى البقال فيتابع حركاتها، ثم يعترض طريقها و يطلب منها الزواج. تزوج و كان عليش سدرة يلعب دور الصديق الأمين و لكن خدعه. و تذكر ولادة سناء و حمله لها لأول مرة .
و من ذكرياته تذكر والده. كان العم مهران فقيرا، بسيطا، يعمل بوابا لعمارة الطلبة ،و بفضله عرف سعيد ابنه الشيخ الجنيدي. أحب سعيد سماحة الشيخ و كل المحبة النابضة من ملامحه. و كان من حكمه :
" نحن نتعلم من المهد إلى اللحد، و لكن يا سعيد ابدأ بأن تحاسب نفسك، و ليكن في كل فعل يصدر عنك خير لإنسان! ".
بعد موت الأب مهران، تجلت شهامة رؤوف علوان الذي كان طالبا بكلية الحقوق بأن تدخل ليساعد سعيد و أمه على أن يحلا مكان الأب في خدمة العمارة. توفيت الأم و كان قد سرق طالبا في العمارة خلال فترة مرضها. حينها كان لرؤوف الفضل في تخليصه من المشكلة. و كان له الفضل أيضا في تعليم سعيد القراءة و لكن أيضا السرقة. كان يدله على الناس الجديرين بالسرقة.
اللص يطارد الكلاب
في الفجر، غلبه دافع الإنتقام و الغرور أن يتسلل إلى قصر رؤوف ليلا ففعل. فاجأه رؤوف وقال أنه يفصح عن عداوته و غروره و حسده. هدده بإبلاغ الشرطة و لكن ما لبث أن تركه بسلام. في الغد قصد رفيقه المعلم طرزان، معلم القهوة، فطلب منه مسدسا.
اقتحم اللص شقة عليش في الليل وأطلق النار عليه و لاذ بالفرار. كان يفكر في رؤوف الخائن الخطير و قال :"أنا الشيطان نفسه".ثم قصد مسكن الشيخ حيث قضى الليلة عنده و في الغد قرأ عن خبر الجريمة في صحيفة أبوالهول: "جريمة شنيعة بالقلعة !". اكتشف أنه قتل رجلا آخر: شعبان حسين و هو الساكن الجديد الذي سكن بالشقة بعد أن غادرها عليش مع نبوية. كما أن أحد الجيران رأى سعيد مهران مغادرا البيت بعد ارتكابه الجريمة و كانت صورته في الجريدة. عرف أنه مطارد، "حي بلا حياة كجثة محنطة". فضل أن يترك مسكن الشيخ قبل أن يقبل المريدون مع غروب الشمس و قصد بيت نور.
ثم طالع الجرائد فلاحظ اهتماما كبيرا بالجريمة و خاصة في جريدة رؤوف علوان و فيها إسهاب عن تاريخه في اللصوصية و سطوه لقصور الأغنياء. و كانت صحيفة الزهرة تستفز البوليس دالة على أن رؤوف يسعى لأن يصل سعيد إلى حبل المشنقة. ففكر سعيد:
"و لن تحول قوة دون تأديب الكلاب"
استوقف اللص أحد شركاء عليش ليلا ليسأله عن مسكنه الجديد مهددا إياه بالسلاح. فكان بياظة جاهلا بالأمر إذ كان عليش قد اختفى مع زوجته دون أن يبلغ أحدا بمكمنه خوفا. فكان أن يئس سعيد من ملاحقة عليش و ركز اهتمامه على رؤوف. توجه إلى القصر مرتديا زي ضابط و بواسطة قارب. عند رؤيته له داخلا القصر صوب عليه مسدسه فسبقت طلقته طلقة نارية من حديقة القصر، فانطلق هاربا .
ومن خلال الصحف علم بتصريحات رؤوف إذ قال أنه كان يعطف على سعيد و أنه زاره بعد خروجه من السجن و أكرمه و لكنه حاول سرقته. ثم أنه اتُهم بالجنون إذ كان يطلق النار بلا وعي فأصاب البواب و لم يصب ضالته. كما تم رصد مكافئة لمن يدل عليه. و في وحدته كان اللص ينظر إلى القرافة تحت ضوء القمر و ينطق متخيلا نفسه في المحكمة أمام مجلس المستشارين في محاكمته لقتل البواب. و فكر أن "لن يكون الحكم أقسى من جفول سناء. قتلك قبل المشنقة". و كان يشعر أنه عظيم:
"واشتد به الدوار فقضى بأنه عظيم بكل معنى الكلمة عظمة هائلة ولكنها مجللة بالسواد عشيرة للمقابر و لكن عزتها ستبقى بعد الموت".
اللص في وحدة قاتلة
كان في وحدته القاتلة يتحسر على أيام الوصال مع نبوية، أيام اللقاء عند النخلة في طرف الحقل. و كان ينظر لضوء القهوة فيتخيل الناس المتسامرين. و لما طال غياب نور عنه زادت وحشته و دهمه الحزن
"لا لأنه سيفقد عما قريب مخبأه الآمن و لكن لأنه فقد قلبا و عطفا و أنسا".
النهاية
طال انتظاره حتى غادر البيت خوفا من أن تداهمه صاحبة البيت التي كانت تطالب منادية نور بدفع الإيجار و قصد مسكن الشيخ. حدثه عن هروب الأوغاد و عن جرائم تعقبه لهم فقال الشيخ:
"هل تستطيع أن تقيم ظل شيء معوج؟"
تذكر أنه نسي الزي الرسمي فعاد ليلا ففاجأه وجود أشخاص مجهولين في مكان نور فعاد على إثره إلى الشيخ. و في المساء أقبل المريدون ينشدون و يرددون الذكر فهرب إلى القرافة التي كانت مطوقة برجال الشرطة.
" و أخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة..بلا مبالاة.."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق