مذكرات طبيب شاب للكاتب الروسي ميخائيل بولغاغوف (1891-1941) هي مجموعة قصصية مستوحاة من واقع امتهان الكاتب لمهنة الطب في ريف سمولينسك النائي. يقع الكتاب في 148 صفحة (e-book). عدد الأقصوصات سبعة.
كان الكاتب طبيبا
مبتدئا في بداية القرن العشرين، عندما كان الناس يلتحفون بفراء الخراف و يتنقّلون
بواسطة الخيول. كان عليه مواجهة الجهل و التخلف، و كان في ذلك شيء من الطرافة.
من بين المواضيع المطروحة: ولادة عسيرة، مرض السفلس، وصفات طبية قديمة، الظروف المناخية الصعبة، بتر عضو، قلع ضرس، الخطأ و الخوف.
الحنجرة الحديدية
في الوحدة، في البرد القارص، وفي
المساءات الطويلة، يفكر الطبيب الشاب المتخرج حديثا في ما يمكن أن يجابهه
من حالات مرضية، محاطا بكتبه. في الساعة الحادية عشرة ليلا خرج على إثر نداء
الممرضة و قصد مشفى نيكولسك الذي عُيّن رئيسا له. كانت المريضة بنتا في الثالثة من
عمرها في غاية من الجمال. أدرك أنها مصابة بالخناق في مرحلة متقدمة تستوجب تدخلا
جراحيا.
لاقى صعوبة أثناء العملية مما جعله يفكر في مدى
صحة اختياره لمهنة الطب، مع ذلك نجح في إنجازه في تلك الليلة: زرع أنبوب فضي في
حنجرتها. مرت أشهر و البنت عائشة، يأتي أناس إلى قريتها خصيصا ليشاهدوها.
التعميد بالتحويل
يذكر ميكائيل بولغاغوف في مذكرات
طبيب شاب أنه في إحدى الليالي سمع قرعا على الباب: الممرضة تدعوه لحالة ولادة
عسيرة. فقفز النوم من عينيه و أسرع لارتداء ملابسه و هرع يركض تحت المطر. كان
المشفى يضج حيوية. دخل إلى غرفة التوليد يعاين المرأة.
"تابعت الفحص. و قد احمر وجهي، و جسست جهات البطن كلها، و كنت أنظر من زاوية عيني في وجهي القابلتين، كانتا جادتين مركزتين معا، و قرأت في عيونهما استحسانا لشغلي و في الواقع كانت حركاتي واثقة و صحيحة و حاولت أن أخفي قلقي ما استطعت في أعماقي و ألا أظهره مهما حدث"
كانت حالة وضعية اعتراضية و كان الطبيب
الشاب لا يذكر مما درس إلا أن الوضعية الاعتراضية هي ولادة عسيرة جدا. أمر
بتحضير المخدر و عاد إلى بيته ليراجع كتاب "علم التوليد الجراحي". قرأ في
بضع دقائق عن عملية التحويل و خطورتها و عواقبها. نشّف العرق من جبينه و ركز على
ما يجب عليه فعله.
"لقد علمتني هذه الدقائق العشرة أكثر مما تعلمت من علم التوليد عندما اجتزت الامتحانات بتقدير ممتاز"
أخذت القابلة الوليد الذي صرخ
صرخته الأولى و بقي الطبيب يتوجس خيفة من حدوث أذى للأم.
عند العودة إلى بيته فكر:
""التجربة الكبيرة" تتحقق في القرية_فكرت و أنا أنام_ لكن لا بد من القراءة أيضا، القراءة أكثر فأكثر"
العاصفة الثلجية
بعد الإحتفال بخطبتها، أصيبت فتاة
في جبينها إثر ركوبها على حصان هائج. فاضطر الطبيب الشاب أن يتوقف عن
استحمامه و يخرج و يسافر رغم العاصفة
الثلجية. عندما وصل كان بجانب البنت الطبيب الذي أرسل في طلب مساعدة زميله فنبهه
إلى أن النبض ضعيف فإذا به يزيد ضعفا حتى
اختفى.
نصحه زميله بالبقاء هناك تلك
الليلة لأن السفر خطير في تلك العاصفة و لكنه رفض لأن عنده في قريته مرضى حالتهم
سيئة. كان الحوذي يسوق الجياد مدة أربع ساعات،
فأضاعوا الطريق و أصبحوا وحيدين. لم يتمكّنوا من الوصول إلا بعد عناء.
العتمة المصرية
و في مذكرات
طبيب شاب، يذكر ميخائيل بولغاغوف أنه في ليلة عتماء كان مصحوبا بمساعده
و القابلتين يحتفلون بعيد ميلاده. حدثهم المساعد عن طبيب سابق وصف لمريض لصقتي
خردل تلصقان على الظهر و على الصدر. عاد المريض و لم تتحسن حالته لأنه ألصق اللصقة
على معطفه.
و حكت القابلتان قصة امرأة ماخض وصفت لها ساحرة وضع سكر في قناة
الولادة لإغراء الجنين للخروج. و في قصة أخرى يضعون في فم المرأة في لحظة المخاض
شعرا خشنا لتيسير الولادة...
ثم أقبل على الطبيب
الشاب مريض مهذب و محترم شخّص عنده مرض الملاريا فنصحه بالبقاء في العنبر
للعلاج. لكن بعد ذلك أرسلت له الممرضة من يقول له أن المريض تعكّرت حالته، فخرج
الطبيب مسرعا بشعر أشعث و جوارب ملبوسة بالمقلوب. فإذا بالمريض قد ابتلع جميع
جرعات الدواء دفعة واحدة. و علّق المساعد: "نكتة".
المنشفة ذات الديك
يفسر بولغاغوف
تجربته خلال عملية جراحية لبتر عضو فتاة:
"فيما بعد قطبت الأوعية الدموية، مستخدما إبرة معقوفة، ثم أخذت أخيط الجلد بقطب قليلة من الحرير لكنني توقفت، و كان إلهاما هبط علي، و أدركت...عليّ أن أترك فتحة للنزف، فوضعت هناك قطعة شاش...بلل العرق عيني، فشعرت أنني في الحمام..."
نجحت العملية و
عاشت البنت. بعد شهرين ونصف، أقبلت المريضة على الطبيب الشاب و أهدت له
منشفة بيضاء طرّز عليها ديك أحمر. فظلت المنشفة معلقة لعدة سنوات في غرفة نومه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق