مكتوب على الجبين للكاتب الصحفي المصري عبد الوهاب مطاوع هو كتاب في شكل مجموعة من الرسائل و عددها 17. كتبها قرّاء وتلي كل رسالة إجابة للكاتب فيها تحليل للإشكال الاجتماعي المطروح. أبرز المواضيع: الخيانة الزوجية، الزوجة الثانية، الأرملة واليتيم، الغيرة، الرضا بالقدر، الطلاق، الصعوبات المادية والاغتراب. يضم الكتاب 228 صفحة.
الشيء الجذاب
تسرد الراوية
قصتها في رسالة:
تزوجت و سافرت مع
زوجي إلى أمريكا، و كان ينزعج من أناقتي قائلا أن بها شيء جذاب. فراعيت البساطة في
مظهري و كان يضيّق علي الخروج مع الصديقات. انشغلت بطفليّ و كانت حياتنا هادئة. ثم
إني لاحظت، بعد حضوره مؤتمرا طبيا، تغييرا في تصرفاته إذ كان شاردا، كثر خروجه
منفردا في المساء. استطعت اكتشاف خيانته فصارحته و طلبت الطلاق و تم ذلك. تألمت
لافتراق الولدين عن أبيهما. عكفت على تربية الولدين حتى انتقلا، الواحد تلو الآخر،
إلى مدينة بعيدة لإتمام الدراسة الجامعية. و الآن أنا أشرف على نهاية العقد الرابع
و أفكر في الزواج و العمل. فماذا تقول لي يا سيدي؟
و في الإجابة عن
رسالتها يكتب عبد الوهاب مطاوع:
قال جورج برناردشو:
"إن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يتوافر لديك الوقت لكي تتساءل فيه هل أنت شقي ... أم سعيد؟"
فعند الفراغ من شؤون الحياة تتسلل الأفكار الحزينة و يراجع الإنسان حياته و غالبا ما يوصله تفكيره إلى اعتقاد أنه تعيس و محروم. لذلك فهو مهم أن ينشغل الإنسان بهدف يسعى إليه. لقد أحسست بالفراغ بعد رحيل ولديك فتوفر الوقت لمراجعة حياتك و كثرت تساؤلاتك. ألم يكن من الأجدر أن تصفحي عن زوجك الذي ندم و تاب؟
"الحياة تتطلب من المرء قدرا أكبر من المرونة و التسامح معها و مع أخطاء الآخرين في حقنا"
و
"دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة".
الموقف الصارم، و إن كان صحيحا و مبدئيا، قد لا
يكفل للإنسان سعادته.
علامات الخطر
رجعت جارة لنا مع
عائلتها من إحدى دول الخليج في ظروف مأساوية، فكنت أساندها. سافر زوجها للعمل و
بقيت مع أطفالها. كنا نحسن لها واهتم زوجي بها و كان يشتري لها أشياءا من باب
الواجب الإنساني. و لكن تصرفاته المتغيرة و الاهتمامات المتبادلة جعلتني أفهم أن
علاقته بها تتجاوز حد العمل الإنساني. جاهدت في محاولات إقناعه بالعدول عن نزوته
فلم أنجح. ترك البيت. عانيت من الإكتئاب و وصلتني ورقة الطلاق بعد سنة و ثلاثة
شهور و اختفت جارتي من مسكنها. ثم كان أن خان كل منهما الآخر حتى كرها بعضهما. و
منذ فترة قصيرة اتصل بي فعبر عن ندمه و
طلب الغفران. فهل مثله يؤتمن على أسرة؟
يقول الكاتب ردا
على صاحبة الرسالة:
تقول حكمة مصرية
قديمة أن الناس كانوا كالوحوش و قد تعلموا كيف يصبحون آدميين من خلال تجارب مؤلمة
و طويلة. بعض الناس يعودون إلى الوراء حيث الوحوش تتحكم فيهم الغرائز، لا يعرفون
دينا و لا أخلاقا، لا يختلف تصرفها عن تصرف من يهتك عرض جار أو صديق. كيف يبرر
الإنسان جرائمه الأخلاقية بهوى القلب؟
"و"إنما قيمة الإنسان همته" كما يقول لنا الأمام أبو حامد الغزالي، و همته هذه هي التي تعينه على مغالبة أهواء النفس و عدم الانسياق وراء رغائبها وحدها دون رادع من ضمير أو من دين"
لقد كشفت علامات
الخطر في وقت متأخر حين صار الداء متمكنا منه.
و كانت خيانة كل منهما الآخر أشد عقاب. ينبغي عليه أن يجاهد و يترك
السلوكيات المشينة حتى يسترجع ثقتك و يلتمّ الشمل.
النسمة الرقيقة
في رد على رسالة
تشكو فيها زوجة ثانية من الظلم و انعدام العدل بين الزوجتين، فسّرالكاتب أنها قبلت
بوضعية خاطئة من البداية و ذلك لإشباع احتياجات إنسانية و عاطفية.
"إن "ذكاءنا الواعي" لا تغيب عنه الحقيقة..لكن "إرادتنا الوضيعة" تغلبنا في كثير من الأحيان و تميل بنا إلى حيث يميل هوى النفس. لهذا فقد أثر عن خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال ما معناه: ما ترددت قط بين واجبين..إلا اخترت أبعدهما عن هوى النفس ! "
إقتباسات من كتاب مكتوب على الجبين لعبد الوهاب مطاوع
- نعم الله علي لا تعدّ و لا تحصى و ليس من العقل أن أتوقف أمام نعمة واحدة لم أحصل عليها لحكمة لا يعلمها إلا الله ثم أشحن نفسي هما و غما و حزنا على أني لم أنلها
- إن من أهم أسباب شقاء الإنسان أن يثبت عينيه على ما ينقصه وحده و يتعذب بتطلعه إليه له فيغفل عما أتيح له من أسباب أخرى عديدة للسعادة
- بعض الشر أفضل من الشر كله، و بعض الأثر السلبي لمنازعات الأبوين أرحم كثيرا من انفصالهما
- قال الفيلسوف الهندي المهاتما غاندي: "من يسيطر على نفسه يصبح حرا كملك الغابة و تخترق نظراته الحادة عدوه"
- إن صاحب المروءة و الدين إذا أحب زوجته أعزّها و أكرمها. و إذا كرهها لم يظلمها، و لم يؤذ مشاعرها بما تكره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق