الحوماني سندور للكاتب التونسي عبد الحميد الفهري (أستاذ جامعي) هي
رواية صدرت في 2020 و تضم 177 صفحة. ولد سندور في جزيرة قرقنة في تونس في
عهد الاستعمار الفرنسي و عمل منذ صباه في مدينة صفاقس. انتقل من عمل إلى آخر و من
حومة (حي) إلى أخرى و كان يكثر التردد على المقاهي و الحانات و دور السينما. عرف
العمل النقابي و شارك فيه. في كبره أقام عند أحد أبنائه الذين أحاطوه بالعناية و
التقدير.
سندور ابن سي عبد السلام
ترك سندور، و هو ابن جزيرة
قرقنة، المدرسة ليلتحق بأصدقائه العاملين في مهن مختلفة في بيوت الأوروبيين في
صفاقس (المحروسة). كان يتوق لحياة الأوروبيين التي عرفها من خلال أصدقائه
الفرنسيين و الإيطاليين.
عند الطبيب
برع الطفل الذكي في عمله عند طبيب
في صفاقس. و كان يتردد على المقاهي و الحانات و على خالته أم الخير بباب القصبة
بالمدينة العتيقة. ساهم ذلك في ربط علاقات مع اليهود و النصارى الذين كان يخالطهم
زوجها. عندما تخلى الطبيب عن عمله، دعا صديقه الماتر عزريا أن يشغّل سندور
عنده في شركة تصدير الزيوت.
كما أهدى الطبيب لسندور
بعضا من الأثاث الزائد عن حاجته. ففكر في الزواج و الاستقرار في المدينة إذ لم يعد
يصبو للجزيرة فقد أحب حياة المدينة: المقاهي و الأصدقاء في حومة الوصفان و حومة
القصبة.
عند المحامي الذي صار تاجرا
كان ماتر عزريا في الأصل محاميا
يهوديا ثم صار تاجرا مصدرا للزيت. حدّث يوما سندور أنه كان في شبابه فقيرا
يعمل في السوق البلدي في العاصمة ليجمع مالا ليدرس الحقوق في باريس. كان من جيل
بورقيبة و الماطري و المهيري. كان الماتر يهتم بالدساترة و النقابيين و
الاشتراكيين. حدّث سندور عن عمل بطولي قام به المولدي الشيوعي في ثكنة
بالعاصمة و عن فرحات حشاد (الزعيم النقابي).
القصف
في الحرب العالمية الثانية، أصاب
قصف مدينة صفاقس فدُمّر جزء من قصر البلدية و كامل المسرح و الميناء. و كانت مدينة
صفاقس من أهم المدن العصرية في الإيالة.
هرب سندور إلى الجزيرة (قرقنة) و فيها نقص التزويد
ب"النعمة" (الحبوب) و انتشر التهريب بين البحارة.
زواج بالغصب
شرع سي عبد السلام في بناء غرفة
جديدة لتخصيصها لزواج الحوماني سندور. أعانه الأصدقاء في جلب أعواد النخيل
و الكرناف (الجزء الأسفل العريض من جريدة النخلة) و الضريع (عشب البحر) و الطين لبناء
السقف. و قام سي عبد السلام بصنع الباب إذ كان نجارا للسفن تعلم
"الصنعة" عن أبيه، و اشترى الشباك الحديدي من نوع "الزلابية"
من سوق الحدادين بالمحروسة الذي يرجع للعهد الحفصي.
اختارت أم سندور لابنها عروسا
صغيرة في السن. رتبت الغرفة مع بناتها. لكن الحوماني سندور، "ولد
المدينة" احتج قائلا أنه يريد أن يختار عروسته. أصر سي عبد السلام على إقامة
العرس رغم رفض ابنه.
"أما النساء فنصبن في فناء دار العرس "حلقة الرحايا"، فكن يقمن بإعداد الدقيق للثريد (البازين) و دقيق "السميد" "لفتل الكسكسي" برحي القمح و الشعير ب"رحا كسراوي" و آخر "سندي" و أما بقية الرحيّ فهي "اكتارية""
أقيم عرس بهيج و احتفل الأهل و
الأصدقاء رغم حنق العريس.
"و خرجت عائلة العروس بأكملها شيبا و شبابا ترقص أمام الجحفة تحت ضربات طبل كان صداه يقرع رأس العريس قرعا مريعا و كأنما هو زلزال"
اضطر الحوماني سندور لترك
عمله القديم و العمل بإزالة جريد النخل "تقريع النخل" و بيع اللاقمي (ما
تدره من سائل عسلي المذاق). فكان يبيع أو يعمل بالمقايضة بالحيتان.
زواج "مغشوش"
أحب سندور فتاة، هنيّة، و
كان يتردد على بيت أهلها. طلق زوجته رغم رفض والده و كان ينتظر انتهاء الحرب حتى
يعود للمحروسة. ثم صارح أهل هنية برغبته في الزواج منها و هجر أهله ليعيش في
كيب(كوخ من جريد النخيل).
زف العروسان و ركبا المركب و معها
المختار أخ هنية و زوجته ناجية اللذان سيستقران مع العروسين في المنزل الذي اكتراه
سندور في "مركز بوشي" في حومة الوصفان.
اكتشف الحوماني سندور الذي
كان يتوق لرؤية عروسه أن البنت كانت عروسية
العانس، أخت هنية. ففي موجة من الغضب هاجم المختار و أجبره على طلاق زوجته،
كما أتم طلاق عروسية.
"لوخيان" (الإخوة) في العمل النقابي
انظم الحوماني سندور للعمل
في البلدية مع سي الحبيب (الحبيب عاشور: مناضل) و كانت البلدية المهد الأول
لالتقاء سي الحبيب ب"الخدّاما" (العاملين). اجتمع سي فرحات بالرفاق (سندور،
بشير، احمد و غيرهم) و فسر رغبته في تأسيس هيكل مستقل وطني يوحد العمال، يسعى
لمعركة من أجل الخبز و من أجل تحرير البلاد من المستعمر. و قد كلف سي الحبيب مرة
سندور و رفاقه بنقل أسلحة في صناديق غمرت بالزيتون.
اجتمع الرفاق في السر في مقصورة
بار ميسكا في ضاحية أريانة:
"كانت بها ناعورة لاستخراج الماء، و فيها جبانة النصارى بقبورها المصطفة بنظام و المزوقة بالرخام و المحاطة بنباتات يانعة بهيجة متعددة الألوان. و كان يسكن هذه المنطقة عموم الفرنسيين و اليهود و المالطيين و العرب لا سيّما من كان من الجزيريين النازحين إلى المحروسة منذ أوائل القرن الماضي"
التقوا هناك بعم صالح الذي كان
يطلعهم على أخبار "الكوميسار" و "القنصل" من خلال اتصاله
بحريفاته نساء المسؤولين الأوروبيين.
عند عم صالح
طلب الحوماني سندور من عم
صالح غرفة في منزله في "بورة خماخم" الذي كان يوفر غرفا مسوغة لليهود و
المالطيين.
استقر سندور في بيت عم صالح و
أعلمه أن أحد أصدقائه دعاه للعمل في شركة بناء لإعادة بناء ميناء صفاقس. و هناك
عرف خديجة ابنته الكبرى.
عرس "المغبون"
تم عرس سندور و خديجة في جو باهت
إذ كان العم صالح على فراش الموت. ثم فوجئ الكل بخبر اغتيال محمد ابن عم صالح
فكانت له جنازة فريدة حضر فيها المسلم و غير المسلم و الشيوعي و الدستوري و
النقابي. توعد رجال بالانتقام له و قد رجحوا أنه مات على يد المعمرين. و مات عم صالح
بعد شهر من الفاجعة.
إضراب
هجم الجيش الفرنسي على العمال
المضربين عن العمل تحت لواء الاتحاد العام الذي بعثه سي فرحات. فكان أن سقط ثلاثون
شهيدا. فشن التجار و الحرفيون إضرابا في كامل المحروسة و تحول المستشفى إلى خلية
نحل. كما تحولت بعض قاعات المدرسة التي تعمل فيها حليمة، أرملة عم صالح، إلى مطبخ لإعداد
الطعام للمحتشدين. ثم انخرطت حليمة، في الاتحاد و صار اسم مدير المدرسة، أحمد، على
كل لسان.
في مدينة الشهداء
تحولت خديجة و أبنائها إلى مدينة
الشهداء حيث يعمل زوجها و بقيت ابنتها آمنة مع الجدة حليمة.
دعا الحوماني سندور شبابا
من أصدقائه و أهله للعمل في مدينة الشهداء في بناء الميناء و منهم أخاه علي
"بوط". كما سعى لبناء هيكل نقابي في نفس المدينة بإيعاز من سي فرحات.
علم سندور باغتيال الزعيم
فرحات حشاد من طرف الفرنسيين فسافر للمحروسة. تم استلام الجثة في عرض البحر. كان
حدثا استثنائيا.
عند عودته فوجئ بقرار طرده بحجة
غيابه الغير مبرر، فضلا عن أن الشركة رفعت ضده قضية بسبب الضرر الذي لحقها بسبب
غيابه.
عودة إلى المحروسة
انتقل الحوماني سندور إلى
حومة تفاحا بالمحروسة و التحق به أترابه من الجيل الثاني من النزوح الذي قرروا
الاستقرار في المدينة. صار بائسا يبحث عن عمل و لكنه وجد السند عند أهل الحومة،
الكواش (الخباز) و الحوانتي (التاجر). عمل في البحر ثم في تجارة الأسماك ثم تجارة
الخضر و الغلال ثم في البناء.
و من أجواء الحومة "لمة
النساء" و "لمة الرجال" و لعب الأطفال دون كلل (الكرة و البوتشي و
الغميضة...)
مشاحنات
بعد مقتل الشاوي في المركب، و هو
بحار شهم، أصر سندور على معرفة قاتله. علم مع بعض الشباب أن القاتل من حي
الدرابك فتقرر الهجوم على ذلك الحي للقصاص. ولكن تراجع عن رأيه لما عرف أن الأجواء مليئة بالضغائن. فتناقش في الأمر مع
رجل له مكانة الزعيم في الحي المقصود للتوصل لحل سلمي.
القضية
زار الحوماني سندور ماتر
عزريا فوعده بربح القضية. حكمت المحكمة له بمبلغ مالي فاق تخيلاته مكنه من سداد
ديونه، كما ختن اثنين من أبنائه و اثنين من أبناء أخيه.
نزوح الوالدين
ترك سي عبد السلام و زوجته القرية
و نزحا للإقامة مع سندور في حومة تفاحا. و قد كان يتحول للجزيرة كل شهر
للحصول على منحة و هو المقاوم القديم في الجيش الفرنسي (أجبرته القرعة).
تنقل سندور بين ورشة و
حضيرة و استقر في شركة للمنشئات البحرية لصاحبها الفرنسي فأتقن عمله كلحام في
الأعالي.
الحوماني سندور جد
تزوج خمسة أبناء و صار لسندور و خديجة ثلاثة عشر
حفيدا. ثم توفيت الجدة قبل أن تفرح بزواج ابنيها الأصغرين.
عاش الحوماني سندور مع ابنه
حميد في القرية و كان يستمتع برفقة حفيدتيه و يساعد ابنه في عقد الجلسات السرية مع
رفاقه ضمن العمل السياسي و النقابي.
أصيب بألم الوحدة فتزوج و لم يدم زواجه
طويلا. تكفل ابنه حمّا بإجراءات طلاق أبيه
الذي انتقل للإقامة عنده و حظي بأحسن العناية و التبجيل.