كتاب دروب جمع
24 مقالا مما كتب ميخائيل نعيمة في مستوى فكري عال. لنفهمْ من خلال عبقرية
الكاتب حياة الإنسان، فعله، طبعه، وجوده، علاقته بالإنسان و بما حوله! الأسلوب
واضح و عميق، المواضيع تهم كل إنسان يسعى لفهم نفسه و للاستدلال للصواب من التفكير
و الفعل. أدعوكم لقراءة كتاب دروب، و أعيدوا القراءة، ستحبّون أنفسكم و
ستحبّون الحياة!
لمحة عن محتوى بعض المقالات من كتاب دروب لميخائيل نعيمة
دروب الحياة
أوّل مقال عنوانه دروب الحياة، و منها
الجسد الذي هو شبكة محكمة الصنع من الدروب المتواصلة. فلكل لقمة و نسمة و
قطرة درب تسلكه داخلنا. كما أن لداخل الجسم أيضا طرقا إلى الخارج، فكل فكرة كانت
مسلكا لإنسان و كل شهوة إلى حي أو شيء. "فلا
عزلة لي عن العالم و لا للعالم عني". و لا حصر لمسالك الأحياء و الظواهر الطبيعية
التي تصب كلّها إلى غاية البقاء. لكن كلها تؤدي لا محالة إلى الموت و ذلك لا يعني
أن غاية الحياة هي الموت، إذ هي تتجدد بالموت. فتوصّل ميخائيل نعيمة للقول أن:
"الموت ليس النهاية التي نتوهم. بل هو درب من دروب الحياة".
عالم يشكو
يشكو
الناس من الناس، من الطبيعة (الزلازل و الحر و القر...)، و يشكو الحيوان من الجوع
و من الفراق (عوى الكلب و ناحت الحمامة). هي من الطبيعة و تدعو الحي للسعي للتخلص
مما يشكو. لكن للإنسان عقل و إرادة و الشكوى ضعف في العقل و الإرادة! فالعلماء و المخترعون و المبتكرون ما شكوا الصعوبات
التي اعترضتهم لأنهم كانوا واثقين من قدرتهم على تجاوزها. قد نُبتلى أحيانا بجمع من
المتذمرين، من الطقس و الغلاء و الفساد و المدرسين، ثم أنهم يغدقون في الغيبة و النميمة.
و يقول ميخائيل نعيمة "أما
أحسست نفسك كالمصاب بالجرب ؟ أما تمنيت لو
تهرب من هؤلاء الناس إلى حيث تلقى بشرا يفكرون و لا يشكون، و يعملون و لا يتذمرون،
و يسيرون في طريقهم و لا يتأففون؟". كما قال "ما أجمل الصمت عند المصيبة!".
ماهية الأدب و مهمته
و في إحدى مقالات كتاب دروب، يطرح
ميخائيل نعيمة مسألة ماهية الأدب و مهمته. فيرى أن في صراع الإنسان مع الحياة،
كانت العلوم و الفنون و الفلسفة و الديانات تُعنى كل منها بجانب من جوانب الصراع.
يشبهها بأنها مجار تنساب في مجال مستقل لا تشكل محيطا. أما المحيط الذي تلتقي فيه
كل تلك المجاري فهو الأدب، و الأدب لا حدود له. يقول أنه وجد فيه "المعبّر الأفضل عن النفس البشرية" و اتخذ مثال الإلياذة
لهوميروس و رواية الإخوة كرامازوف لدوستويفسكي:
"نحن نخرج منها شاعرين أن الإنسان سُلّم أسفله في الأرض و أعلاه في السماء"
كما قال في مهمة الأدب:
"مهمة الأدب هي التعبير عن الإنسان و كل حاجاته و حالاته تعبيرا جميلا، صادقا من شأنه أن يساعد الإنسان على تفهم نفسه و تفهم الغاية من وجوده، و أن يمهد له الطريق إلى غايته. و إذن فللأدب رسالة سامية"
صغار النفوس و كبارها
يصف ميخائيل نعيمة أصحاب النفوس
الكبيرة بالنحل و أصحاب النفوس الصغيرة بالذباب. كبار النفوس لا يحبون الغيبة و
النميمة و لا التبجح بمال أو جاه أو شهرة. لا يظهرون أمام الناس بغير حقيقتهم، لا يتكبرون
و لا يذلون لإنسان. كما لا ينحدرون إلى
الصغائر مثل أن يحسدوا حاسديهم أو أن يشتموا شاتميهم. إذا أعطوا "فيسراهم_على حد قول
السيد المسيح_ لا تدري بما تفعله يمينهم". أما صغار النفوس فيتحدثون
عن شرفهم و عزتهم، يردون اللكمة لكمتين، و إذا تصدقوا قليلا تمنوا لو سمع الكل بما
تصدقوا به ! ثم يتبجحون بما اشتروا و ما زاروا من بلدان
و ما اقتنوا من التحف.
في أي خصام كان، ستجد صغارة في نفوس
المتخاصمين:
"فما اختصم اثنان إلا لأن صدر الواحد ضاق بالآخر. و الصدر يضيق أو يتسع على قدر ما تصغر النفس أو تكبر. ففي حين أن النفس الصغيرة تضيق بالكبيرة فتناصبها العداء، تتسع الكبيرة للصغيرة فتقابلها إما بالصفح و إما باللامبالاة"
حسنات النكبات
"ها هي الطبيعة لا تنفك تذكّر الإنسان من حين إلى حين بأنها ما برحت سيدة الميدان".
فكانت الظواهر الطبيعية تفتك بالإنسان فتكا كنكبات الزلازل و الأعاصير و
الفيضانات و غزوات الجراد و الأوبئة. هي مصائب و لكن لها "وجها
مشرقا". إذ يكمن ذلك في إيقاظ الضمائر و إثارة التعاطف. و ذكر ميخائيل
نعيمة مثال نكبتين حصلتا في لبنان(
فيضان نهر في طرابلس و زلزال في الجنوب). فإذا بالخبر ينتشر في ساعات و بالمعونات
تتدفق. كما ذكر أنه تلقى رسالة من رجل في هونغ كونغ كان قد قرأ له كتاب "مرداد" مترجما
بالإنجليزية. كتب ليسأل عن سلامته و أرسل حوالة بمبلغ مالي لإعانة المنكوبين.
و من حسنات النكبات أنها تحث الإنسان للبحث
عن أسبابها و عن حلول للوقاية منها. كما أنها تمحو الفوارق بين الناس، الكل سواسية
أمام العواصف و الوباء و الزلزال. فالمال و السلطان و المراتب لا تحصّن الإنسان "فهي
للفناء و هو للبقاء". و أخيرا يوضح لنا ميخائيل نعيمة موعظة أخرى و
هي أن هذه النكبات تدلنا على أن للإنسان غرض لوجوده غير استثمار الأرض:
"ألا و هو استثمار القوى الكامنة فيه استثمارا يجعله سيد الأرض، عساه أن يقفز منها إلى السماء. و إلّا لما دام صراعه المرير مع الأرض ملايين السنين، و لابتلعته الأرض من زمان".
عناوين بقية مقالات كتاب دروب
الشباب ثروة و ثورة
الملاذ الأول و الأخير
رسالة الشرق المتجدد
عاما سعيدا
الشرف الرفيع
الناجحون و الراسبون
صابون القلوب
دفاع عن الظلمة
همجية المتمدنين
بين الحق و القوة
الذوق الرفيع
قليلا من الصمت و التأمل
التردد
عندما يحرن الزمان
ملحمة الملاحم
حلفاء الاستعمار
أكلوني البراغيث
الأديب و الناقد
أصلح نفسك يصطلح العالم