تدور أحداث رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ في
القاهرة سنة 1941خلال أحداث الحرب العالمية الثانية.
هي قصة أحمد
عاكف، شاب في الأربعين من عمره انتقل مع عائلته من حي السكاكيني إلى خان
الخليلي بحثا عن مأمن من قصف الألمان. هو حي مصري نرى فيه ملامح الحياة
اليومية للمصريين و منها أحاديث الرجال في المقاهي و العادات في شهر رمضان و في
الأعياد. أحمد عاكف موظف عرف السخط و الفشل فملكه الاعتداد المزيف بالنفس و
الكبرياء اللذان زاداه ركودا. فشل في التقرب لبنت مقيمة في الجوار أحبها بينما
تمكن من ذلك أخوه الأصغر اللاهي العابث. تنازل عن حبه و حتى بعد موت أخيه بعد صراع
مع المرض.
وصف الحي المصري في رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ
نعيش مع شخصيات هذه الرواية في عبق المكان الأصيل
إذ يصف لنا نجيب محفوظ بدقة حي الحسين في خان الخليلي (العمارات، المقاهي، الدكاكين، الأصوات المنبعثة من الشارع، المارة)...هذه بعض المقاطع: " شاهد فيما حوله مقاهي عامرة و مقاهي متباينة_ما بين دكان طعمية و دكان تحف و جواهر_و رأى تيارات من الخلق لا تنقطع، ما بين معمم و مطربش و مقبّع، و ملأت أذنيه أصوات و هتافات وو نداءات".
رأى جماعات من الصبيان والبنات يملؤون الطريق متصايحين
متضاحكين و قد انقسموا فرقا أكب كل فريق على رياضة... و سمع أناشيد عجيبة "يا
عمّ يا جمّال..."و"يا
أولاد حارتنا توت توت"و"الجبل ده عالي ياعمي"إلخ إلخ".
وينقل لنا نجيب محفوظ ما ُيسمع في شوارع خان الخليلي "يا
فتاح ياعليم"٬ "يا ألف نهار أبيض، هات شايا، هات نارجيلة".
كما نذكر المأكولات الشعبية المصرية ضمن المعيش
اليومي لشخصيات الرواية في هذا الحي(طعمية،
سلطة، باذنجان، كباب، نيفة، كوارع، لحمة راس...).
في الإطار العام للقصة نجد أيضا أجواء رمضان و العيد في خان الخليلي و حدوث الغارات الليلية
بُعَيْد الانتقال إلى حي الحسين حل شهر رمضان، فكانت
استعدادات أم أحمد مجارية للعادة القديمة كتهيئة المطبخ وتحضير الأطباق(النقل، الكنافة،
القطائف، الصنوبر و الزبيب، عصيرقمر الدين). كما نجد دلائل البهجة في زينة المئذنة
والزغاريد يوم اتضاح الرؤية، الزيارات و السمر في الليالي الرمضانية "حيث
تدار الأحاديث على قزقزة اللب و الجوز و الفستق." أما العيد في خان
الخليلي ففيه ابتياع اللبس الجديد و فرحة النساء بتحضير الكعك إذ قالت الست
دولت "أما سروري أنا بالعيد ففي العجن و النقش ورش السكر و الحشو بالعجمية".
كما نعيش مع أفراد هذه العائلة أوقات قلق عند انطلاق صفارات الإنذار و الهروع إلى
المخبأ وقت الغارات الجوية على القاهرة فكانوا في "ذعر واضطراب هو التعذيب
عينه".
و في المقهى كانت أحاديث الرجال تدور حول الغناء
(منيرة، عبد الحي، المنيلاوي)، الزواج و أيضا عن أخبار الحرب.
دوامة الفشل و الكبرياء في شخصية أحمد عاكف
في رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ تركيز على شخصية أحمد عاكف: أجبر أحمد على الإنقطاع عن الدراسة بعد الباكالوريا بعد أن أحيل والده على المعاش بسبب إهماله و تطاوله فامتهن وظيفة صغيرة لينفق على الأسرة. ثم تحول سخطه و حنقه على عدم إتمام دراسته إلى "اعتداد كاذب
بمواهبه"، فسعى لتحقيق المجد بمحاولات باءت بالفشل (دراسة القانون، الدراسة
العلمية النظرية، الأدب و كتابة المقالات). ففي سن الأربعين كان يخاف الدنيا و
يخجل كثيرا من النساء، و كان يجد في قراءة الكتب ملجأ : "كتب المنفلوطي والمويلحي و شوقي و حافظ و مطران و مجموعة
من الكتب الأزهرية". في مقهى الزهرة كان ينفرد بأحمد راشد المحامي المثقف
الذي حدثه عن فرويد، كارل ماركس و الاشتراكية، نيتشه، أرسطو و صراعات الدول
الكبرى، فبذلك يترفع عن عامة الناس .و لكن أيضا
جعله كبرياءه يحقد على أحمد راشد
لأنه تحدى ثقافته.
الأخوان أحبا نوال: أحمد الخجول و رشدي الجريء
عرف أحمد الحب في شهر رمضان و كان الخجل سيد الموقف إذ
لم يتجاوز النظرات المتبادلة من خلال النافذة. و لما التحق رشدي، الأخ الأصغر،
بالعائلة في خان الخليلي على إثر نقلة في وظيفته، رأى البنت و سعى
لملاقاتها و توطيد العلاقة حتى مع أهلها و نجح في ذلك، وكان متحررا يهوى اللهو و
السهر على عكس أخيه. فأُعجب أحمد بجسارة أخيه و لسعته الغيرة و لكن كبرياءه و حبه
الشديد لأخيه جعلاه ينسى الغيرة و يتنازل بدون مبالاة.
النهاية
لم تكتمل قصة الحب بالزواج إذ كان على رشدي أن يصارع المرض بمساندة أسرته و خاصة أخيه. بعد وفاته طلبت الأم الرحيل من خان الخليلي واصفة إياه ب"الحي الشؤم". فكان الوداع حيث فاضت المودة بين أحمد و أصحابه بالمقهى والحي الذي تلألأ ببدر نصف شعبان: "و قد اكتسى الحي بغلالة فضية بددت وحشة الليل، و أضفت على المكان و الممرات سحرا".